كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومثل تلك الكلمات خرافات وكل امرأة تعرف أن النطفة إذا مضت عليها ثلاثة أشهر تتحرك.
وقد ذكر حكماء الطبيعة أن أقل مدة الولادة ستة أشهر ومدة الحركة ثلث مدة الولادة فيكون أقلها شهرين ومن امتحن الاسقاط يعلم أن الخلقة تتم في أقل من خمسين يومًا انتهى.
وكلام المتشرعين لا يخفى عليك في هذا الباب.
وقد يعيش المولود لثمان إلا أنه قليل فليس ذلك من خواصه عليه السلام إن صح.
ولم يصح عندي شيء من هذه الأقوال المضطربة المتناقضة بيد أني أميل إلى أولها والاستدلال للثاني ممال سمعت لا يخلو عن نظر.
{فانتبذت بِهِ} أي فاعتزلت وهو في بطنها فالباء للملابسة والمصاحبة مثلها في قوله تعالى: {تَنبُتُ بالدهن} [المؤمنون: 20] وقول المتنبي يصف الخيول:
فمرت غير نافرة عليهم ** تدوس بنا الجماجم والرؤسا

والجار والمجرور ظرف مستقر وقع حالًا من ضميرها المستتر أي فانتبذت ملتبسة به {مَكَانًا قَصِيًّا} بعيدًا من أهلها وراء الجبل، وأخرج عبد الله بن أمد في (زوائد الزهد) عن نوف أن جبريل عليه السلام نفخ في جيبها فحملت حتى إذا أثقلت وجعت مايجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وخرج قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا وكذا فلا يخبرهم أحد كان من أخبر الله تعالى به.
وروى الثعلبي في (العرائس) عن وهب قال: إن مريم لما حملت كان معها ابن عمر لها يسمى يوسف النجار وكانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون وكانا معًا يخدمان ذلك المسجد ولا يعلم أن أحدًا من أهل زمانهما أشد اجتهادًا وعبادة منهما وأول من علم أمرها يوسف فتحير في ذلك لعلمه بكمال صلاحها وعفتها وأنه لم تغب عنه ساعة فقال لها: قد وقع في نفسي شيء من أمرك لم أستطع كتمانه وقد رأيت الكلام فيه أشفى لصدري فقالت قل قولًا جميلًا فقال: يا مريم اخبريني هل ينبت زرع بغير بذر وهل تنبت شجرة من غير غيث وهل يكون ولد من غير ذكر: فقالت؟ نعم ألم تعلم أن الله تعالى أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر ألم تعلم أن الله تعالى أنبت الشجرة من غير غيث وبالقدرة جعل الغيث حياة الشجر بعدما خلق كل واحد منهما على حدة أتقول: إن الله سبحانه لا يقدر على أن ينبت الشجرة حتى يستعين بالماء: قال؟ لا أقول هذا ولكني أقول إن الله تعالى يقدر على ما يشاء بقول كن فيكون فقالت: ألم تعلم أن الله تعالى خلق آدم وامرأته من غير ذكر ولا أنثى؟ فعند ذلك زال ما يجده وكان ينوب عنها في خدمة المسجد لاستيلاء الضعف عليها بسبب الحمل وضيق القلب فلما دنا نفاسها أوحى الله تعالى إليها أن اخرجي من أرض قومك لئلا يقتوا ولدك فاحتملها يوسف إلى أرض مصر على حمار له فلما بلغت تلك البلاد أدركها النفاس فكان ما قص سبحانه، وقيل: انتبذت أقصى الدار وهو الأنسب بقصر مدة الحمل.
{فَأَجَاءهَا المخاض} أي الجأها كما قال الزمخشري وجماعة، وفي (الصحاح) أجأته إلى كذا بمعنى الجأته واضطررته إليه قال زهير بن أبي سلمى:
وجار سار معتمدًا عليكم ** أجاءته المخافة والرجاء

قال الفراء: أصله من جئت وقد جعلته العرب الجاء، وفي المثل شر ما يجيئك إلى مخة عرقوب انتهى، واختار أبو حيان أن المعنى جاء بها واعترض على الزمخشري وأطال الكلام بما لا يفخى رده و{المخاض} بفتح الميم كما في قراءة الأكثرين وبكسرها كما في رواية عن ابن كثير مصدر مخضت المرأة بفتح الخاء وكسرها إذا أخذها الطلق وتحرك الولد في بطنها للخروج، وقرأ الأعمش وطلحة {فَأَجَاءهَا} بامالة فتحة الجيم، وقرأ حماد بن سلمة عن عاصم {فاجأها} من المفاجأة وروي ذلك عن مجاهد ونقله ابن عطية عن شبيل بن عزرة أيضًا، وقال صاحب اللوامح: إن قراءته تحتمل أن تكون الهمزة فيها قد قلبت ألفا ويحتمل أن تكون بين بين غير مقلوبة.
{المخاض إلى جِذْعِ النخلة} لتستند إليه عند الولادة كما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي أو لذلك ولتستر به كما قيل، والجذع ما بين العرق ومتشعب الأغصان من الشجرة، وقد يقال للغصن أيضًا: جذع، والنخلة معروفة.
والتعريف إما للجنس فالمراد واحدة من النخل لا على التعيين أو للعهد فالمراد نخلة معينة ويكفي لتعينها تعينها في نفسها وإن لم يعلمها المخاطب بالقرآن عليه الصلاة والسلام كما إذا قلت أكل السلطان ما أتي به الطباح أي طباخه فإنه المعهود، وقد يقال: إنها معينة له صلى الله عليه وسلم بأن يكون الله تعالى أراها له عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج، وزعم بعضهم أنها موجودة إلى اليوم، والظاهر أنها كانت موجودة قبل مجيء مريم إليها وهو الذي تدل عليه الآثار، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها عليها السلام لما اشتد عليها الطلق نظرت إلى أكمة فصعدت مسرعة فإذا عليها جذع نخلة نخرة ليس عليها سعف.
وقيل: إن الله تعالى خلقها له يومئذ وليس بذاك؛ وكان الوقت شتاء، ولعل الله تعالى أرشدها إليها ليريها فيما هو أشبه الأشجار بالإنسان من آياته ما يسكن روعتها كاثمارها بدون رأس وفي وقت الشتاء الذي لم يعهد ذلك فيه ومن غير لقاح كما هو المعتاد، وفي ذلك إشارة أيضًا إلى أن أصلها ثابت وفرعها في السماء، وإلى أن ولدها نافع كالثمرة الحلواء وانه عليه السلام سيحيي الأموات كما أحي الله تعالى بسببه الموات مع ما في ذلك من اللطف بجعل ثمرتها خرسة لها، والجار والمجرور متعلق بإجاءها، وعلى القراءة الأخرى متعلق بمحذوف وقع حالًا أي مستندة إلى جذع النخلة {قَالَتْ يا أيها لَيْتَنِى مّتَّ} بكسر الميم من مات يمات كخاف يخاف أو من مات يميت كجاء يجيء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر ويعقوب بضمها من مات يموت كقال يقول {قَبْلَ هذا} الوقت الذي لقيت فيه ما لقيت أو قبل هذا الأمر وإنما قالته عليها السلام مع أنها كانت تعلم ما جرى بينها وبين جبريل عليه السلام من الوعد الكريم استحياء من الناس وخوفًا من لائمتهم أو حذرًا من وقوع الناس في المعصية بما يتكلمون فيها.
وروي أنها سمعت نداء أخرج با من يعبد من دون الله تعالى فحزنت لذلك وتمنت الموت، وتمنى الموت لنحو ذلك مملا لا كراهة فيه.
نعم يكره تمنيه لضرر نزل به من مرض أو فاقة أو محنة من عدو أو نحو ذلك من مشاق الدنيا.
ففي صحيح مسلم وغيره قال صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضرر نزل فإن كان لابد متمنيًا فليقل اللهم احيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» ومن ظن أن تمنيها عليها السلام ذلك كان لشدة الوجه فقد أساء الظن والعياذ بالله تعالى.
{وَكُنتُ نَسْيًا} أي شيئًا تافهًا شأنه أن ينسى ولا يعتد به أصلًا كخرقة الطمث.
قرأ الأكثرون {نَسِيًّا} بالكسر.
قال الفراء: هما لغتان في ذلك كالوتر والوتر والفتح أحب إلي.
وقال الفارسي: الكسر أعلى اللغتين، وقال ابن الأنباري: هو بالكسر اسم لما ينسى كالنقض اسم لما ينقض وبالفتح مصدر نائب عن الاسم، وقرأ محمد بن كعب القرظي {نسئًا} بكسر النون والهمزة مكان الياء وهي قراءة نوف الأعرابي، وقرأ بكر بن حبيب السهمي ومحمد بن كعب أيضًا في رواية {نسأ} بفتح النون والهمزة على أن ذلك من نسأت اللبن إذا صببت عليه ماء فاستهلك اللبن فيه لقلته فكأنها تمنت أن تكون مثل ذلك اللبن الذيلا يرى ولا يتميز من الماء، ونقل ابن عطية عن بلكر بن حبيب أنه قرأ {نسا} بفتح النون والسين من غير همز كعصى {نَسْيًا مَّنسِيًّا} لا يخطر ببال أحد من الناس.
ووصف النسى بذلك لما أنه حقيقة عرفية فيما يقل الاعتداد به وإن لم ينس، وقرأ الأعمش وأبو حعفر في رواية بكسر الميم اتباعًا لحركة السين كما قالوا: منتن باتباع حركة الميم لحركة التاء.
{فَنَادَاهَا} أي جبريل عليه السلام كما روي عن ابن عباس ونوف وقرأ علقمة {فخاطبها}.
قال أبو حيان: وينبغى أن تكون تفسيرًا لمخالفتها سواد المصحف، وقرأ الحبر {فَنَادَاهَا مُلْكُ مِن تَحْتِهَا} وينبغي أن يكون المراد به جبريل عليه السلام ليوافق ما روي عنه أولًا.
ومعنى {من تحتها} من مكان أسفل منها وكان واقفًا تحت الأكمة التي صعدتها مسرعة كما سمعت آنفًا، ونقل في البحر عن الحسن أنه قال: ناداها جبريل عليه السلام وكان في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وأقسم على ذلك.
ولعله إنما كان موقفه عليه السلام هناك إجلالًا لها وتحاشيًا من حضوره بين يديها في تلك الحال.
والقول بأنه عليه السلام كان تحتها يقبل الولد مما لا ينبغي أن يقال لما فيه من نسبة ما لا يليق بشأن أمين وحي الملك المتعال، وقيل: ضمير {مِنْ تَحْتِهَا} من مكان أسفل منها وكان واقفًا تحت الأكمة التي صعدتها مسرعة كما سمعت آنفًا، ونقل في البحر عن الحسن أنه قال: ناداها جبريل عليه السلام وكان في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وأقسم على ذلك.
ولعله إنما كان موقفه عليه السلام هناك إجلالًا لها وتحاشيًا من حضوره بين يديها في تلك الحال.
والقول بأنه عليه السلام كان تحتها يقبل الولد مما لا ينبغي أن يقال لما فيه من نسبة ما لا يليق بشأن أمين وحي الملك المتعال، وقيل: ضمير {تَحْتِهَا} للنخلة، واستظهر أبو حيان كون المنادي عيسى عليه السلام والضمير لمريم والفاء فصيحة أي فولدت غلامًا فانطقه الله تعالى حين الولادة فناداها المولود من تحتها.
وروي ذلك عن مجاهد ووجهب وابن جبير وابن جرير وابن زيد والجبائي ونقله الطبرسي عن الحسن أيضًا، وقرأ الابنان والأبوان وعاصم والجحدري وابن عباس والحسن في رواية عنهما {مِنْ} بفتح الميم بمعنى الذي فاعل نادى و{تَحْتِهَا} ظرف منصوب صلة لمن والمراد به إما عيسى أو جبريل عليهما الصلاة والسلام {أَلاَّ تَحْزَنِى} أي أي لا تحزني على أن أن مفسرة أو بأن لا تحزني على أنها مصدرية قد حذف عنها الجار {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ} بمكان أسغل منك، وقيل: تحت أمرك إن أمرت بالجري جري وإن أمرت بالإمساك أمسك وهو خلاف الظاهر {سَرِيًّا} أي جدولًا كما أخرجه الحاكم في مستدركه عن البراء وقال: إنه صحيح على شرط الشيخين وذكره البخاري تعليقًا موقوفًا عليه وأسنده عبد الرزاق وابن جرير وابن مردويه في تفاسيرهم عنه موقوفًا عليه أيضًا ولم يصح الرفع كما أوضحه الجلال السيوطي وعلى ذلك جاء قول لبيد يصف عيرا وأتانا:
فتوسطا عرض السرى فصدعا ** مسجورة متجاوزا قلامها

وأنشد ابن عباس قول الشاعر:
سهل الخليقة ماجد ذو نائل ** مثل السرى تمده الأنهار

وكان ذلك على ما روي عن ابن عباس جدولًا من الأردن أجراه الله تعالى منه لما أصابها العطش.
وروي أن جبريل عليه السلام ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولًا، وقيل: فعل ذلك عيسى عليه السلام وهو المروى عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه، وقيل: كان ذلك موجودًا من قبل إلا أن الله تعالى نبهها عليه. وما تقدم هو الموافق لمقام بيان ظهور الخوارق والمتبادر من النظم الكريم.
وسمى الجدول سريًا لأن الماء يسري فيه فلامه على هذا المعنى ياء، وعن الحسن. وابن زيد. والجبائي أن المراد بالسرى عيسى عليه السلام وهو من السرو بمعنى الرفعة كما قال الراغب أي جعل ربك تحتك غلامًا رفيع الشأن سامي القدر، وفي الصحاح هو سخاء في مروءة وإرادة الرفعة أرفع قدرًا ولامه على هذا المعنى واو. والجملة تعليل لانتفاء الحزن المفهوم من النهي عنه. والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرها لتشريفها وتأكيد التعليل وتكميل التسلية. {وَهُزِّى إِلَيْك} أي إلى جهتك. والهز تحريك يمينًا وشمالًا سواء كان بعنف أولا أو تحريك بجذب ودفع وهو مضمن معنى الميل فلذا عدى بالي أوأنه مجاز عنه أو اعتبر في تعديته ذلك لأنه جزء معناه كذا قيل.
ومنع أبو حيان تعلقه بهزي وعلل ذلك بأنه قد تقرر في النحوان الفعل لا يعدي إلى الضمير المتصل وقد رفع الضمير المتصل وليس من باب ظن ولا فقد ولا عدم وهما لمدلول واحد فلا يقال: ضربتك وزيد ضربه على معنى ضربت نفسك وضرب نفسه.
والضمير المجرور عندهم كالضمير المنصوب فلا يقال: نظرت إليه وزيد نظر على معنى نظرت إلى نفسك ونظر إلى نفسه. ومن هنا جعلوا على في قوله:
هون عليك فإن الأمور ** بكف الإله مقاديرها

اسمًا كما في قوله:
غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها

وجعل الجار والمجهرور هنا متعلقًا بمحذوف أي أعني إليك كما قالوا في سقيا لك ونحوه مما جيء به للتبيين.
وأنت تعلم أنهم قالوا بمجيء إلى للتبيين لكن قال ابن مالك وكذا صاحب القاموس: إنها المبينة لغاعلية مجرورها بعدما يفيد حبًا أو يغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل وما هنا ليس كذلك.
وقال في الاتقان: حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن إلى تستعمل اسمًا فيقال: انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن {أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه انتهى.
وكان عليه أن يبين ما معناها على القول بالإسمية، ولعلها حينئذ بمعنى عند فقد صرح بمجيئها بهذا المعنى في القاموس وأنشد:
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ** أشهى إلى من الرحيق السلسل

لكن لا يحلو هذا المعنى في الآية، ومثله ما قيل إنها في ذلك اسم فعل، ثم أن حكاية استعمالها اسمًا إذا صحت تقدح في قول أبي حيان: لا يمكن أن يدعي أن إلى تكون اسمًا لا جماع النحاة على حرفيتها.
ولعله أراد اجماع من يعتد به منهم في نظره.
والذي أميل إليه في دفع الاشكال أن الفعل مضمن معنى الميل والجار والمجرور متعلق به لا بالفعل الرافع للضمير وهو مغزى بعيد لا ينبغي أن يسارع إليه بالاعتراض على أن في القلب من عدم صحة نحو هذا التركيب للقاعدة المذكورة شيئًا لكثرة مجيء ذلك في كلامهم.
ومنه قوله تعالى: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] والبيت المار آنفًا.
وقول الشاعر:
دع عنك نهبا صيح في حجراته ** ولكن حديثًا ما حديث الرواعل

وقولهم: اذهب إليك وسر عنك إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع.
وتأويل جميع ما جاء لا يخلو عن تكلف فتأمل وأنصف، ثم الفعل هنا منزل منزلة اللازم كما في قول ذي الرمة:
فإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها ** إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلى

فلذا عدى بالباء أي افعلي الهز {بِجِذْعِ النخلة} فالباء للآلة كام في كتبت بالقلم.
وقيل هو متعد والمفعول محذوف والكلام على تقدير مضاف أي هزي الثمرة بهز جذع النخلة ولا يخفى ما فيه من التكلف وأن هز الثمرة لايخلو من ركاكة، وعن المبرد أن مفعوله {رُطَبًا} الآتي والكلام من باب التنازع.
وتعقب بأن الهز على الرطب لا يقع إلا تبعًا فجعله أصلًا وجعل الأصل تبعًا حيث أدخل عليه الباء للاستعانة غير ملائم مع ما فيه من الفصل بجواب الأمر بينه وبين مفعوله ويكون فيه أعمال الأول وهو ضعيف لاسيما في هذا المقام.